السبت، 9 نوفمبر 2013

حضارة الإسلام والفتوحات الإسلامية قبل فتح الأندلس

بدأت الفتوحات الإسلامية في عهد الصديق أبي بكر لتشمل بلاد فارس والروم بعد أن قضى على المرتدين في جزيرة العرب ليبدأ بعدها على الفور بالبدء بغزو الروم والفرس في نفس التوقيت. وقد كان جيش أسامة بن زيد هو أول عمل عسكري قام به أبو بكر وذلك انفاذا لوصية النبي صلى الله عليه وسم، ثم توالت بعدها المعارك مع حروب المرتدين والتي كانت أبرزها معركة اليمامة التي قضي فيها على مسيلمة الكذاب.

ثم استمرت المعارك والفتوحات في عهد عمر بن الخطاب وكانت فيها المعارك الفاصلة مع الروم كمعركة اليرموك [1] ثم وفتح دمشق وحمص وقنسرين ثم أجنادين. إلى أن فتح بيت المقدس ثم فتحت مصر من بعدها. ومن الناحية الشرقية بدأت المعارك في عهد عمر والتي توجت في معركة القادسية أكبر وأهم الانتصارات ثم تلتها فتوحات كفتح المدائن وجلولاء والأهواز ونهاوند.

وفتحت مصر في عهد عمر بن الخطاب على يد الفاتح عمرو بن العاص بخطة عسكرية عظيمة وعبقرية فريدة بدأت بمعركة عين شمس ففتح بابليون فالإسكندرية فإنشاء مدينة الفسطاط. أدت عبقرية عمرو وسياسته في فتح مصر إلى توطيد الإسلام فيها وكانت أرضا مستقرة ولم تكن كبلاد المغرب التي فتح لاحقا بلادا ثورات. وكان استقرار مصر أحد الدواعم الرئيسية لفتح بلاد المغرب ثم الأندلس.

واستمرت الفتوحات في عهد عثمان لتفتح في عهده مرو[2] تركيا وأرمينية والقوقاز وخراسان وأفريقية وقبرص. إلا أن هذه الفتوحات توقفت في عهد علي بن أبي طالب بسبب الخلاف الداخلي الذي حلّ ببلاد المسلمين.

ولفهم سبب فتح المسلمين للأمصار يجب أن تكون لنا وقفة مع الحوار الذي دار بين الصحابي الجليل ربعي بن عامر وبين رستم قائد الفرس في معركة القادسية حيث بعثه سعد بن أبي وقاص رسولا لرستم، فدخل عليه وقد زيَّنوا مجلسه بالنَّمارق المذهَّبة، والزَّرابي الحرير، وأظهر اليواقيت واللآلئ الثمينة والزينة العظيمة، وعليه تاجه وغير ذلك من الأمتعة الثمينة، وقد جلس على سرير من ذهب. ودخل ربعي بثياب صفيقة وسيف وترس وفرس قصيرة، ولم يزل راكبَها حتى داس بها على طرف البساط، ثم نزل وربطها ببعض تلك الوسائد، وأقبل وعليه سلاحُه ودرعه وبيضتُه على رأسه. فقالوا له: ضع سلاحك فقال: إني لم آتِكم وإِنّما جئتكم حين دعوتموني، فإنما تركتموني هكذا وإِلا رجعت. فقال رستم: إئذنوا له، فأقبل يتوكأ على رمحه فوق النَّمارق فخرَّق عامتها، فقالوا له: ما جاء بكم؟ فقال: الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله، ومن ضِيق الدنيا إلى سعَتَها، ومن جَوْر الأديان إلى عدل الإِسلام، فأرسلنا بدينه إلى خلقه لندعوهم إليه؛ فمن قبل ذلك قبلنا منه ورجعنا عنه، ومن أبى قاتلناه أبداً حتى نفضيَ إلى موعود الله، قالوا: وما موعودُ الله؟ قال: الجنة لمن مات على قتال من أبى، والظفر لمن بقي. فقال رستم: لقد سمعت مقالتكم فهل لكم أن تؤخروا هذا الأمر حتى ننظر فيه وتنظروا؟ قال: نعم، كم أحبُّ إليكم؟ يوماً أو يومين، قال: لا بل حتى نكاتب أهل رأينا ورؤساء قومنا. فقال: ما سنَّ لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نؤخِّر الأعداء عند اللقاء أكثر من ثلاث، فانظر في أمرك وأمرهم، واختر واحدة من ثلاث بعد الأجل. فقال:أسيِّدهم أنت؟ قال: لا، ولكن المسلمون كالجسد الواحد يُجير أدناهم على أعلاهم. فاجتمع رستم برؤساء قومه فقال: هل رأيتم قط أعزَّ وأرجح من كلام هذا الرجل؟ فقالوا: معاذ الله أن تميل إِلى شيء من هذا وتدع دينك إلى هذا الكلب أما ترى إلى ثيابه؟ فقال: ويلَكم لا تنظروا إلى الثياب، وانظروا إلى الرأي والكلام والسيرة، إن العرب يستخفُّون بالثياب والمأكل ويصونون الأحساب.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق