الجمعة، 2 مايو 2014

بحث
 في
إعادة قراءة كتب النسب


كتبه 
عبد المجيد بن محمد المدرّع








بسم الله الرحمن الرحيم


(يأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير)


مقدمة

بعث الله النبي صلى الله عليه وسلم في مجتمع مفاخر بالأنساب ومهتم بها، بل كانت الأنساب هي ما يرفع المرء في الجاهلية وما ينزله. فجاء الإسلام ليقر الحسن من مفاخر الأنساب ويمقت السئ منها. وفي غزوة حنين في السنة الثامنة من الهجرة كما في صحيح البخاري عن أبي إسحاق قال: سأل رجل البراء رضي الله عنه فقال: يا أبا عمارة أوليتم يوم حنين قال: البراء وأنا أسمع أما رسول الله صلى الله عليه وسلّم لم يول يومئذ كان أبو سفيان بن الحارث آخذا بعنان بغلته فلما غشيه المشركون نزل فجعل يقول أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب، قال: فما رئي من الناس يومئذ أشد منه. وقد روى الترمذي وغيره من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: عن النبي صلى الله عليه وسلّم قال  "تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم، فإن صلة الرحم محبة في الأهل، مثراة في المال، منسأة في الأثر".

 وقد جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (يا أيّها النّاس، ألا إنّ ربّكمْ واحد،وإنّ أباكمْ واحد، ألا لا فضْل لعربيّ على أعْجميّ، ولا لعجميّ على عربيّ،ولا لأحْمر على أسْود،ولا أسْود على أحْمر إلاّ بالتّقْوى، أبلّغْت ؟ قالوا: بلّغ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم) [1]

ومن أمور الجاهلية التي حذّر منها النبي صلى الله عليه وسلّم الفخر بالأنساب، والطعن في الأنساب. فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليهوسلم قال: (لينْتهينّ أقْوام يفْتخرون بآبائهمْ الّذين ماتوا إنّما همْ فحْم جهنّم، أوْ ليكوننّ أهْون على اللّه منْ الْجعل الّذي يدهْده الْخراء بأنْفه، إنّ اللّه قدْ أذْهب عنْكمْ عبّيّة الْجاهليّة وف خْرها بالْآباء، إنّما هو مؤْمن تقيّ،وفاجر شقيّ، النّاس كلّهمْ بنو آدم،وآدم خلق منْ تراب). [2]

وعن أبي مالك الأشْعريّ رضي الله عنه أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: (أرْبع في أمّتي منْ أمْر الْجاهليّة لا يتْركونهنّ: الْفخْر في الأحْساب،والطّعْن في الأنْساب،والاسْتسْقاء بالنّجوم،والنّياحة).[3]

وعن أبى هريْرة رضي الله عنه قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلّم: (اثْنتان في النّاس هما بهمْ كفْر: الطّعْن في النّسب،والنّياحة على الْميّت)[4].

فعنْ سعْد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: سمعْت النّبيّ صلى الله عليه وسلّم يقول: (من ادّعى إلى غيْر أبيه وهْو يعْلم أنّه غيْر أبيه فالْجنّة عليْه حرام)[5].
  

لضرورة أن يسلك الباحثون في علم الأنساب القديم والمتأخر والمعاصر طريقا متينا قويا للبحث العلمي بعيدا عن المسلمات التي لا تستند على أصل، فإني أحببت أن أشار ك الباحثين بهذا البحث المتواضع بهدف التعاون مع المختصين في هذا المجال (وهم بالتأكيد أعلم مني بهذا).

والهدف الأساسي الذي أسعى إليه هو سلامة التوصل إلى النتائج بعد أن توجهت كثير من القبائل العربية لعمل فحص الحمض النووي للسلالات البشرية والذي يسعى من خلاله الكثيرون إلى ربط القبائل ببعضها وترجيح أقوال عن أقوال في انتساب قبيلة لقبيلة أخرى، والأهداف تختلف من شخص لآخر، لكن النتيجة المهمة أن الجميع هم أبناء لرجل واحد وامرأة واحدة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (يا أيّها النّاس، ألا إنّ ربّكمْ واحد،وإنّ أباكمْ واحد، ألا لا فضْل لعربيّ على أعْجميّ، ولا لعجميّ على عربيّ،ولا لأحْمر على أسْود،ولا أسْود على أحْمر إلاّ بالتّقْوى، أبلّغْت ؟ قالوا: بلّغ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم) [6]

ولهذا أحببت أن أضع نقاطا مرتبة بترتيب محدد يهدف إلى تذكير الباحثين ببعض النقاط التي قد تغيب عن بعضهم.





أولا
التصنيف

الفكرة في هذا الجزء هو عمل تصنيفات شاملة تهدف إلى وضع آلية ومرجعية تسهل البحث وسأذكرها على النحو الآتي:

1-أن يقوم الباحثون والمختصون بعمل تصنيف مقسم على النحو التالي:

-     تصنيف لجميع كتب التاريخ المتعلقة بتاريخ الجزيرة العربية والتاريخ الإسلامي منذ العصر الجاهلي وحتى تاريخ العصر الحديث. ويكون داخل هذا التصنيف تصنيفات داخلية طبقا لتسلسل الأحداث.
-     تصنيف لجميع الكتب المتعلقة بالأدب العربي والقصائد العربية في العصرين الجاهلي والإسلامي. ويكون داخل هذا التصنيف تصنيفات فرعية لأزمنة الأحداث الأدبية والقصائد الشعرية.
-      تصنيف لجميع كتب الأنساب العربية في جميع الأزمنة. ويتم عمل تصنيف داخلي مقسم طبقا للتقسيم القبلي كأن تكون الكتب المتعلقة بالعرب البائدة في التصنيف الأول ثم الكتب المتعلقة بأجذام العرب ثم تصنيف للقبائل العربية القديم وهكذا.
-     تصنيف لجميع كتب البلدان والجغرافيا والهجرات للبلاد الإسلامية. ويكون التصنيف الداخلي لهذا القسم طبقا للمواقع الجغرافية.

وتكون داخل هذه التقسيمات تقسيمات فرعية وكل تقسيم فرعي إلى تقسيم فرعي أصغير منه مقسم طبقا لتسلسل الأحداث.

2- عمل تصنيف ثاني موازي للتصنيف الأول ويعتمد على تاريخ التأليف. ويتم تقسيمها إلى أربعة أقسام كالأقسام السابقة ويكون داخل كل قسم تصنيف داخلي يعتمد على تاريخ تأليف الكتب. فنصل بين الكتب التي تمت كتابتها في العصر الأموي عن الكتب المؤلفة في العصر العباسي وهكذا.

3- والتصنيف الثالث هو أن نقوم بعمل تصنيف ثالث موازي يعتمد على مواطن المؤلفين, كأن يتم تقسم كتب التاريخ لمؤلفي المغرب العربي، وكتب التاريخ لمؤلفي الشام، وكتب التاريخ لمؤلفي الحجاز.. وهكذا الحال مع كتب الأنساب وكتب البلدان. 

4- اعمل تصنيف لأسماء الأعلام من العصر الجاهلي ومن الصحابة والتابعين ورواة الأحاديث وغيرهم ممن ذكرت أنسابهم.

5-عمل تصنيف لتاريخ ودول الجزيرة العربية مع تحديد الحدود الجغرافية لكل دولة وتاريخ تأسيسها وسقوطها وتوسعاتها حتى قيام الدولة السعودية الثالثة.

6- يجب تحديد المسلمات من أنساب العرب القديمة مثل أن قريش قبيلة عدنانية. وأن تصنف أنساب هذه القبائل إلى ( مسلمات غير قابلة للتغيير بما ثبت ذكره في الأحاديث وإلى أقوال مأثورة واجتهادات من قبل بعض المؤرخين والنسابين).

7- تصنيف لأحداث تاريخ الجزيرة العربية القديمة وحتى قيام الدولة السعودية.

هذا التصنيف سيكشف الكثير من الحقائق وهل أخذت كل قبيلة حقها من الدراسات والأبحاث، هل أخذت القبائل العربية القديمة وهل أخذت الأحداث الرئيسية في جزيرة العربية حقها من الدراسات العلمية الوافية. وهل أخذت الممالك العربية القديمة حقها من الدراسات والكتابات كممالك كندة وسبأ وحمير والمناذرة وغيرهم.





ثانيا
الدراسات

عمل دراسات بحثية أكاديمية متخصصة بالتعاون فيما بين الأكاديمين والباحثين والمتخصصين ووضع آليات محددة لهذه الدراسات بهدف التوصل إلى نتائج جديدة، ومن الدراسات التي يجب الأخذ بها:

1- دراسة شاملة عن مؤلفي كتب التاريخ والأدب والأنساب والبلدان وذلك بدراسة ترجماتهم وحياتهم ودرايتهم بالتاريخ والأدب والنسب والجغرافيا والبلدان، كذلك ندرس توجهاتهم الدينية والسياسية ومدى تأثير هذه العوامل على ما يكتبونه، وما هي تخصصاتهم والعلوم التي درسوها والبلدان التي زاروها وأقوال غيرهم عنهم. حيث أن المؤلف المتخصص في علم التاريخ ليس كالمؤلف المتخصص في علم الأنساب، فالأولى أن متخصص علم النسب هو أعلم وأدرى بأنساب القبائل.

2- عمل دراسة لعلم النسب بشكل عام آخذين بكل ما قيل عن علوم الأنساب والقبائل وعاداتهم وتقاليدهم مستعينين بعلوم الاجتماع كالذي ذكره ابن خلدون في مقدمته عن القبائل العربية.

3- دراسة شاملة للمراجع والمصادر التي استدل بها علماء الأنساب في كتبهم:

- عمل دراسة شاملة لتحركات القبائل في هذه الفترات وتشمل هذه التحركات (الهجرات بشتى أنواعها مثل تحركات القبائل وهجراتها بعد هد سد مأرب وكتحرك قبيلة جرهم مثلا). بالإضافة إلى تتبع مواقعها وعمل مقارنة بين مواطن القبائل القديمة للعرب البائدة ومواطن القبائل في عهد الجاهلية وصدر الإسلام ثم مواطنها حاليا.

4-دراسة عن مصير قبائل عربية بائدة وإعادة لقراءة تاريخها وأحداثها ونشأتها وأعمارها ومقارنتها ببعضها من حيث الأقدم إلى الأقرب كعاد وثمود وعبيل وجرهم وجاسم وطسم وجديس وغيره.

5-عمل دراسة شاملة مستقلة عن مشاركة القبائل في الفتوحات الإسلامية في شتى بقاع الأرض كالشام والعراق وتركية والسند والمغرب وأفريقية والأندلس، كمشاركة قبائل عربية في معركة القادسية مثلاـ وما هو مصير هذه القبائل.

6-دراسة عن الحلف بين القبائل بشكل عام وليس بشكل خاص مع شرح أسبابه وأنواعه والتفصيل فيه.

7- عمل دراسة عن تحالفات القبائل في فترة ما قبل الإسلام وكذلك خلال العهد النبوي وعصر صدر الإسلام كتحالف بني بكر مع قريش وتصنيف هذه التحالفات، حيث أن هذه التحالفات تختلف بين بعضها البعض بسبب وجود تحالفات لأسباب ناجمة عن الحروب وتصنيف أنواع هذه الأحلاف لأن نوعية هذا الحلف قد تحدد ما قد يكون عليه هذا التحالف مستقبلا.

8- دراسة لتعداد القبائل آنذاك والنظر في أعدادها ومقارنتها ببعضها والنظر إن كان من المنطقي أن تكون قبيلة كحنيفة عدد ذكورها مائة ألف رجل في معركة اليمامة يلتقون في الجد السادس لبعض أفرادها. ويمكن النظر في أعداد القبائل طبقا لما جاء في كثير من المعارك كغزوات النبي صلى الله عليه وسلم والنظر في عدد الرجال من قريش والنظر في أعداد قبيلة الأوس والخزرج وعدد المشركين مثلا في غزوة حنين والطائف وعدد جيوش المسلمين والمرتدين في حروب الردة وهكذا.

9- دراسة علاقات القبائل ببعضها وخصوصا بجيرانها والنظر في نوعية العلاقات سواء كانت علاقات قوية أم علاقات عداوة، كعلاقة هوازن وثقيف ببعضهم مثلا وعلاقة عبس وذبيان والنظر في حروب الجاهلية بين القبائل كحرب البسوس وحرب داعس والغبراء وحرب الفجار وحرب سيف بن ذي يزن آخذين بالاعتبار القبائل التي ناصرت بعضها والقبائل التي عادت بعضها. و لا يفوتنا النظر في من هي القبائل التي أحجمت عن التدخل رغم قرب موقعها الجغرافي أو قرابتها في النسب.

10- دراسة شاملة لأيام العرب في الجاهلية وحروبهم كحرب بعاث بين الأوس والخزرج ويوم الأبطح ويوم الثعالب وكل أيام العرب في الجاهلية، تشمل دراسة الأسباب والعوامل المؤدية والعوامل المحيطة بالأحداث ونتائجها ومواضعها.

11- دراسة لأسماء القبائل وسبب تسميتها بذلك، فمثلا قبيلة حنيفة هل هو اسم لشخص أم اسم لموضع، أم لكليهما أم أن أحدهما سمّي على الآخر، وإن لم يكن الأمر من المسلمات فيجب الأخذ بعين الاعتبار أن اسم حنيفة قد يعني مجموعة من القبائل في هذا الموضع.

12- دراسة لأحوال القبائل القديمة بشكل عام من حيث قوتها وضعفها وفروعها واقتصادياتها، حيث إن عامل القوة والضعف يمكن أن يحدد الكثير من المعالم في حال كانت قوية فهي قبيلة تستوعب قبائل أخرى ضعيفة.

13-  عمل دراسة بحثية شاملة لبعض الفترات التي غيرت مجرى التاريخ في الجزيرة العربية وعلى رأسها:

 حروب الردة التي حصلت فيها تحالفات قوية بين الكثير من القبائل.

-   سقوط الدولة الأموية وقيام الدولة العباسية ومواقف القبائل آنذاك سواء في نصرتها للأمويين أم للعباسيين، وماترتبت عليه مواقف القبائل آنذاك، سواء المناصرة أم المعادية.

- ظهور القرامطة وما ترتب عليه من انضواء كثير من القبائل العربية التي تحالفت معهم ووقوف قبائل كثيرة ضدها، فقد تكون هذه الفترة -وبسبب غياب مصادر كثيرة تفند هذه الفترة – قد أدت إلى قيام تحالفات لم تعرف، ولهذا يجب الأخذ بالاعتبار بمن وقف مع القرامطة وبمن وقف ضدهم ووضع احتمالية لهذه التحالفات.

-  دراسة فترة بني الأخيضر والجروانيين والدولة اليزيدية والعثمانية في عسير وغيرهم.

-   دراسة شاملة لنشوء دول غيرت وجه البلاد الإسلامية وأدت إلى هجرات قبلية وخصوصا الدول التي نشأت في عهد الدولة العباسية في العراق والشام ومصر وفارس وغيرها، كالدولة الحمدانية وبني مرداس و وهل نشوء هذه الدول أدى إلى خروج قبائل من الجزيرة العربية لتنصر أخواتها من القبائل العربية في هذه المناطق.

-  كذلك يجب النظر في نصرة قبائل الجزيرة العربية للمعارك الإسلامية الكبرى وهل قامت هذه القبائل بالمشاركة في هذه المعارك كمعركة حطين وعين جالوت وحروب التتار وغيرها. 

14- عمل دراسات لنفس مسمى القبائل (هل هذا الاسم اسم شخص أم موقع جغرافي) وأسباب التسميات.

15-  إعادة دراسة وتقييم وتحقيق لكتب قد تم تصنيفها أنها كتب مكذوبة ومزورة وإعادة النظر فيها (أخذين بالحسبان أن هذه الكتب قد تخطئ وقد تصيب كأي كتاب آخر).

16-  يجب علينا دراسة كثير من الأحداث المتأخرة كحروب الدولة السعودية وحروب رموز مشهورة في الجزيرة العربية مثل ابن معمر وابن عريعر وراكان ابن حثلين وأمراء آل رشيد وابن هميلان ودهام ابن دواس وغيرهم الكثير. وتشتمل هذه الدراسات على النظر في حروب هذه القبائل من ناصرها ومن عاداها والمواقع الجغرافية لهذه الحروب.

17- دراسة شاملة وتفنيد لكتب العصر الحديث المتعلقة بالتاريخ والأنساب ودراسة مراجعها ومصادرها، فكل كتاب له مصادره ومراجعه إما من كتاب أقدم منه أو من قول مأثور متواتر ثم نتتبع هذه المصادر وندرس مدى مصداقيتها.

18- دراسة علمية للمواقع والآثار العربية القديمة المكتشفة والنظر في إمكانية الحصول على نتائج حمض نووي كمدائن صالح وقرية الفاو وغيرها من المواقع القديمة.

19- دراسة شاملة لحال لأحوال القبائل من حيث التحضر والتمدن والبادية، ودراسة تواريخ وأسباب تحضر القبائل وهذا قد يؤدي إلى معرفة كثير من الانقسامات التي حصلت داخل القبائل كأن تكون بعض أفرع هذه القبائل قد تحضر وبعضها الآخر قد بقي على بداوته مما قد يؤدي إلى انفصالات تامة بين القبائل وقيام أحلاف جديدة.
20- دراسة لحركة بعض القبائل التي من الممكن أن تسمى بالعرب البائدة الحديثة، التي لم يبق من يسمى بها إلا قليل مثل قبيلة بني جرم وبني تغلب بن حلوان وبني حنيفة وغيرهم.





  
ثالثا
قواعد بيانات وقوائم

وتسهيلا للباحثين وأن تكون لهم مرجعية شاملة فيجب أن تكون هناك قوائم وقواعد بيانات بإشراف مؤسسي.

1- عمل قائمة بالقبائل القديمة وديارها (كل اسم لكل قبيلة ذكر في العصر الجاهلي وعصر الخلفاء وحتى بداية الدولة العباسية) أي أننا نضع قائمة بجميع هذه القبائل بديارها التي عرفت عنها. كقبائل عاد وثمود وجرهم وعبيل وطسم وجديس وغيرهم من العرب البائدة ثم القبائل العربية المعروفة كحنيفة وباهلة وهذيل وقريش وتميم وطئ وأسد والأزد وغيرهم.

2- قاعدة بيانات كل القبائل التي ثبت دخولها في بعض بالإضافة إلى الأشخاص الذين ثبت انتمائهم لقبائل أخرى بينما كانوا ينتسبون في غير نسبهم مثل حالة بنو مرة بن عوف بن سعد من غطفان الذين هم أصلا بنو مرة بن عوف بن لؤي بن غالب بن فهر من قريش لكن جدهم عوف تآخى مع ثعلبة بن سعد من غطفان فنسب إليهم، بالإضافة إلى الأشخاص الذين نسبوا حلفا لآخرين كجندب بن عمرو الدوسي حليف بني أمية وكل الأسماء التي على هذا الوجه لتكون في قاعدة بيانات يسهل الرجوع إليها.

3- عمل قاعدة بيانات لسلسلة الأنساب للقبائل العربية الحديثة من خلال موقع الكتروني مما قد يؤدي إلى اكتشاف كثير من التشابه في الاسماء بين سلاسل النسب والذي قد يثبت الحمض النووي لاحقا ارتباطها ببعضها.

4- عمل قاعدة بيانات الكترونية بالمواقع الجغرافية وعمل قاعدة بيانات لأسماء القبائل سواء القبائل البائدة أو القديمة أو المعاصرة، مما قد يؤدي إلى اكتشاف صلة بين هذه المواقع وهذه الأسماء.

5- التعاون بين أصحاب المشاريع والباحثين لتبادل النتائج الخاصة بالحمض النووي وكيفية التعامل معها وطريقة إعلانها لتعم الفائدة. وهذا التعاون يكون ذو آليه معينة وبضوابط محددة.





رابعا
تحاليل واستنتاجات

1- يجب علينا أن ناخذ بالحسبان بضعة أمور ومنها:

       -  أن الله عز وجل لما أهلك أقواما كأقوام قوم عاد وثمود أنجى الله عز وجل الأنبياء         والذين آمنوا معه ولم يعرف مصيرهم.

 -   التعمق في دراسات القبائل العربية البائدة كالعماليق.

 -   احتمالية حصول أي أحلاف بين القبائل في أي فترة زمنية.

 - أن التشابه في الأسماء وارد، فمثلا الخلاف الكبير على نسب قضاعة: هل قضاعة قحطانية أم عدنانية أم جذم عربي مستقل. فقد يكون سبب هذا الخلاف هو وجود أكثر من قضاعة. وكذلك تشابه أسماء قبائل كتغلب وائل وتغلب حلوان.

2- يجب أن ننظر جيدا في تاريخ المناذرة والغساسنة وتاريخ مملكة كندة، وأن ندرس جيدا تاريخ ممالك العرب في الجاهلية كممالك كندة وسبأ وحمير. فقد نستطيع حل كثير من الارتباطات والألغاز في دراستنا لهذه الممالك.

3- لو رأينا إلى مسميات كثير من المواقع الجغرافية في الجزيرة العربية لوجدنا مسميات لهضاب أو لجبال أو لمواقع منسوبة إلى أعلام أو أشخاص أو قبائل، وقد نستغرب من وجود هذا الإسم في هذا الموقع، لكن قد يكون السبب هو أن هذه القبيلة قد سكنت يوما في فترة محددة هذه المنطقة. ولهذا يجب أن نأخذ هذه المسميات بعين الاعتبار.

4- النظر في قصائد العرب وقصائد المدح والهجاء وفي من قيلت وما المناسبة، فهذه أيضا قد تؤدي إلى حل التوصل إلى نتائج إيجابية.

5- إعادة النظر في بعض الأمور والأحداث التي قد تتعارض مع الواقع، أذكر منها مثلا ما يخص انتساب بني حنيفة في عدنان وطبقا لما جاء في كتب الأنساب ككتاب جمهرة الأنساب لابن حزم الأندلسي:

-   اسم النبي صلى الله عليه وسلم من جهة أبيه فهو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. لرأينا أن فهر (قريش) هو الجد العاشر للنبي صلى الله عليه وسلم وأن عدنان هو الجد العشرين للنبي صلى الله عليه وسلم.

-   اسم مسيلمة الكذاب هو مسيلمة الكذاب بن ثمامة بن كثير بن حبيب بن الحارث بن عبد الحارث بن عدي بن حنيفة بن لجيم بن صعب بن علي بن بكر بن وائل  بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعمي بن جديلة ابن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان، لرأينا أن حنيفة هو الجد السادس لمسيلمة الكذاب وعدنان هو الجد الحادي والعشرين لمسيلمة.

-   في حروب الردة واجه خالد بن الوليد رضي الله عنه وانضم معه قادة من جيوش حروب الردة المسلمين فوصل تعدادهم إلى اثنا عشر ألفا وفيهم رجال من شتى قبائل العرب. وجيش مسيلمة فيه مائة ألف مقاتل من بني حنيفة. فكيف لقبيلة يكون حنيفة جد سادس لأحد أفرادها بهذا العدد، ونعلم جيدا أن غزوة أحد كان في جيش المسلمين وفيهم مسلمي قريش والأنصار سبعمائة مقاتل وجيش قريش ثلاثة آلالاف وقريش هو الجد العاشر للنبي صلى الله عليه وسلم. فلو أخذنا بانضمام قبائل مع مسيلمة كتغلب وتميم لقلنا لا يمكن أن يصل العدد إلى هذا الكم الضخم من الجند. ولو أخذنا بأن الرويات بالغت في العدد وقلنا أن العدد هو أربعون ألفا لما تم ذلك أيضا. ولهذا يجب علينا أن نعيد النظر في هذه المسألة مثلا. لأن حنيفة بناء على هذه المعطيات قد تكون جذما عربيا ثالثا لما لها من ضخامة أو أن انتسابها في وائل بن بكر غير صحيح. ولو رأى أحدنا اليوم عدد أبناء أسرته أو قبيلته الذين يلتقي معهم في الجد العاشر مثلا لما تجاوز العدد بذكورهم وإناثهم على أكبر تقدير خمسة آلالاف. ولو أخذنا بعدنانية مسيلمة وأن عدنان هو جده الواحد والعشرين لما وصل العدد إلى مائة ألف إلا باجتماع مئات القبائل معه وهذا لم يرد أبدا في كتب التاريخ. ولو سلمنا بتحالف قبائل أخرى مع حنيفة لاشتهر الأمر بذلك فقيل قبيلة حنيفة وأحلافها، ولو أخذنا أيضا بأقل الاحتمالات وأضعفها بأن حنيفة هم نصف الجيش والنصف الآخر هم من الأحلاف لما قبله المنطق أيضا.

-    حنيفة هي جزء من قبيلة وائل، وقبيلة تغلب وشيبان في حرب البسوس هما قبيلتان متقاربتان مع حنيفة طبقا لسلسلة النسب، فهل كانت حرب البسوس بين عشرات الآلالف من المقاتلين!. وماذا كان سيحدث لو ناصرت قبيلة بني حنيفة وهي من قبائل بكر بن وائل بني شيبان في حرب البسوس!.

6- ولو نظرنا إلى قبيلة أخرى وهي قبيلة قضاعة وانتشارها قبل الإسلام لوجدنا أنها قبيلة كبيرة ومنتشرة في جميع مناطق الجزيرة العربية وأن انتشارها يوازي انتشار القبائل العدنانية والقحطانية، ولو رأينا علاقة الفروع الكبيرة من قبائل قضاعة ببعضها لرأيناها علاقة شبه معدومة إن لم تكن معدومة أصلا وخصوصا إذا أخذنا بعدنانيتها وأنها قبيلة واحدة تلتقي في جد قريب كما هو الحال مثلا مع قبائل هوازن والتي رغم تفرعاتها الكثيرة إلا أنها قبيلة مترابطة فيما بينها في عصر النبوة والخلافة.

 ولو قسنا سلسلة نسب الصحابي أسماء بن الرباب والي عقيق جرم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى قضاعة آخذين بعدنانية قضاعة أو قحطانيتها لما توافق عمر سلسلة النسب لا مع عدناينتها ولا قحطانيتها، وكذلك نسب ناجية بنت جرم التي قيل أنها تزوجت بابن لؤي بن غالب بن فهر، لاستحال الأمر كذلك.

7- كما لو نظرنا إلى حالات أخرى كقبيلة جرهم التي جاءت إلى مكة وكيف آلت الأمور إلى خزاعة ثم إلى قريش ودرسنا ما حصل فيها من أحداث مع التدقيق في كل التفاصيل فقد يمكننا التوصل إلى بعض النتائج المفيدة.

8- يجب أن نتوقع أي احتمال من خلال الدراسات التي ستعمل وأن تضع كل الخيارات أمام عينيها، آخذ

2- لا يمكن لنا الخوض في أنساب القبائل الحديثة وأقصد بها القبائل الكبيرة بمسمياتها الحالية (حرب، عنزة، عتيبة، قحطان، تميم…الخ) دون الرجوع إلى النقاط التي سبق ذكرها عن القبائل القديمة، وبنفس الآلية.

- الأخذ بالحسبان الخلاف الذي يحصل في نسبة قبيلة، كقبيلة الدواسر مثلا حيث يرى البعض أنها قبيلة أزدية وآخرون يرون بعدنانيتها، وكذلك قبيلة عائذ التي كثر الخلاف حولها هل هي قبيلة قحطانية أم من بني عقيل، وكذلك الحال مع بني خالد فهناك من قال بعامريتها وآخرون نسبوها في غزية من طئ. ولهذا يجب أن يتم أخذ الأمور آخذين بالاعتبار ما يلي:

                                                             -      تشابه الأسماء. قد يوجد أكثر من قبيلة واحدة باسم الدواسر وليست قبيلة واحدة بهذا الاسم، وقد يكون ما رواه ابن فضل الله العمري عن دواسر عائذ ليس المقصود بهم هو دواسر وادي الدواسر، وكذلك الحال مع قبيلة بني عائذ.

                                                               -  احتمالية كونها أحلاف.

3- الأخذ بجميع أقوال النسب حتى لو كانت ضعيفة، مثل نسبة قبيلة العتوب العريقة في تغلب وائل بينما نسبها آخرون في تغلب حلوان.

4- يجب أن ننظر إلى كثير من كتب التاريخ المتأخرة على أنها كتب قابلة للصواب وللخطأ كتاريخ ابن بشر وابن غنام ولا نأخذها كمسلمات كما يتمسك بها الكثير.

5- عندما ننظر إلى كتب التاريخ والأنساب المتأخرة نجد أنها لا تستند على مراجع ومصادر وإن وجدت بعض المراجع نجد محدودية هذه المصادر والمراجع، أما الكتب المعاصرة نجد أن كتبا معينة هي المؤثرة بشكل كبير على ما جاء فيها مثل كتاب المنتخب في ذكر نسب قبائل العرب للمغيري وهو الكتاب الذي يخالف كثيرا مما جاء به من هم أقدم منه كنسبته لعائذ في قحطان مثلا.

6- يجب أن ننظر في سلسلة النسب لشخصيات مذكورة في العصر الجاهلي أو بعد ذلك ومقارنته بأسماء ثابتة كالذي ذكرته عن مسيلمة الكذاب مثلا.

7- يجب أن ننظر أيضا إلى تعداد هذه القبائل بشكل وعمل مقارنات بينها وبين مثيلاتها من القبائل الأخرى، والتي قد تكون أجذاما عربية أخرى.

8- من المهم النظر في تاريخ الأنبياء العرب وجمع كل الأحداث والقصص المتعلقة بهم.

9- عدم التسليم بأن القبائل الكبيرة المشهورة القديمة كقبيلة حمير وكندة وغيرهم أنها قبائل قحطانية، بل يجب التعامل مع الموضوع باحتمالية كون هذه القبائل أو إحداها سلالة مستقلة.


سادسا
التعامل مع الحمض النووي

1- التريث في الحكم على النتائج وأن لا نتعجل أبدا، فعوائل المملكة بالآلاف بينما العينات المأخوذة لا تزال بالمئات.

2- لا يمكننا الحكم على نتيجة قبيلة أو فخذ بناء على نتيجتين أو ثلاثة أو حتى عشرة حتى تظهر نتائج كل القبائل المنتسبة لهذا الفخذ أو لهذه القبيلة.

3- الأمر الآخر يجب أن نعمل خريطة جغرافية جينية موضح فيها انتشار السلالات والتحورات في الجزيرة العربية، فلو رأينا مثلا حوطة بني تميم والتي ظهرت عليها نتائج بشكل كبير وملحوظ في السلالة T ثم رجعنا ودرسنا تاريخ وأحداث هذه القبائل في هذه المنطقة وخصوصا بعض الأحداث الهامة كحرب الأمير محمد بن سعود بن مانع الملقب بهميلان في حربه المشهورة ورأينا مع من تحالف أو من حارب ثم تتبعنا النتائج فقد نستطيع الوصول إلى نتائج إيجابية. وهذا الحال يجب العمل به في جميع المناطق.

4- يجب النظر في بداوة وتحضر القبائل الفاحصة للاستفادة من نتائجها.

5- يمكن عمل مقارنة مستقبلا في النتائج المشتركة بين القبائل العربية في الجزيرة العربية والقبائل خارج الجزيرة العربية استنادا للتصنيفات والدراسات المعمولة للهجرات وغيرها طبقا لما ذكرته سابقا.

6- ظهرت حتى الآن عدة سلالات عربية ولا يستبعد أن تظهر سلالات عربية أخرى.

7- عمل دراسة لأعمار التحورات ومن ثم مقارنتها بأعمار القبائل العربية القديمة لمحاولة الربط بينها لاحقا.



سابعا
 تحقيق الكتب

يجب إعادة تحقيق وتقييم للكتب التاريخية وكتب الأنساب خصوصا المتأخرة منها وأن يكون التحقيق من باحثين متخصصين مستقلين، وليس كما حصل مع كتاب امتاع السامر الذي فجر خلافا شديدا بين الكثيرين بين مؤيد ومعارض، ولو أعدنا قراءة تعليق الباحثين على كتاب امتاع السامر وقارنها بنتائج الحمض النووي لرأينا أيضا أنها تنسف كثيرا من أقوال المعلقين أيضا وليس أقوال كتاب الامتاع فحسب.

وإذا كان المعلقون قد رأوا بضرورة التعليق على امتاع السامر فمن باب أولى التعليق على كتب أنساب أثبتت أخطائها الفادحة اليوم وكتب تاريخية جعلت أجدادنا في الجزيرة العربية كفارا. فالكتب التي جعلت أجدادنا في الجزيرة العربية قبل الدعوة المباركة للإمام محمد بن سعود وللشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمهما الله كفارا، أولى أن يتم التعليق عليها من قبل الباحثين لتفنيدها وإبطال اتهاماتها، فقد قال صلى الله عليه وسلم (إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب ولكن في التحريش بينهم).





خا
خاتمة

    هذه آراء واجتهادات شخصية مني، وبالتأكيد فالباحثون والمختصون في تاريخ قبائل الجزيرة العربية والأنساب العربية هم أدرى وأعرف، وبالتأكيد أن لهم أفكار أوضح وأفضل. 

    كما أتمنى أن يتم عمل ورش عمل متخصصة وندوات خاصة بالنقاش عن أحداث وعن كتب وعن وقائع محددة وتركها لنقاش مفتوح بين المختصين كأن يتم طرح موضوع عن ما تحدثت عنه سابقا عن قبيلة حنيفة في معركة اليمامة وعدد جيوشهم، أو مواضيع أخرى للنقاش المفتوح مثل الأحلاف بين القبائل. ولأن هذا النقاش سيفتح آفاقا وأبوابا للباحثين فنتمنى أن يجد هذا الأمر تبنيا من دار أو مؤسسة علمية لطرحه وتتأييده. 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته 

عبد المجيد بن محمد المدرع






[1] رواه أحمد،وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة".
[2] رواه الترمذي، وحسّنه الألباني في "صحيح الترمذي".
[3] رواه مسلم
[4] رواه مسلم
[5] رواه البخاري ومسلم
[6] رواه أحمد،وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة".