الجمعة، 8 نوفمبر 2013

محمد عبد الكريم الخطابي
"  ريفي يسقط الملكية الإسبانية"

                                                

       عندما تقف في النقطة القصوى من شمال المغرب, تستطيع أن ترى في الأفق جبال الجزيرة الخضراء في إسبانيا, أوكما يسميها المغاربة "الخوزيرات", وهي مدينة إسبانية صغيرة في أقصى الجنوب الإسباني المطل على البحر الأحمر والمجاور لجبل طارق, سميت بالجزيرة الخضراء لأنها منطقة خضراء ذات كثافة شجرية, وكانت أول منطقة أقام بها المسلمون في الأندلس, هي اليوم عبارة عن ميناء مهم ضخم. في هذا المكان بالتحديد اجتمعت إسبانيا وفرنسا من خلال مؤتمر الجزيرة الخضراء سنة 1906 للانطلاق من هذه النقطة بالتحديد لتقاسم المغرب, فالشمال كان من نصيب إسبانيا والجنوب من نصيب فرنسا.

في عام 1886م ولد ألفونسو الثالث عشر في مدريد, وهومن سلالة الملوك القشتاليين الإسبانيين الذين أسقطوا الأندلس, تحركت في عهده الحملات الإسبانية على المغرب. لكن قبل هذه السنة بخمس سنوات كان الإسبان مع موعد للالتقاء بالأسطورة الريفي المجاهد محمد بن عبد الكريم الخطابي الذي ولد في بلدة أجدير في منطقة الريف شمال المغرب سنة 1881م, وقد كان والده زعيما لقبيلة بني ورياغل, وقد علّمه والده القرآن الكريم والعلوم الشرعية, ثم استكمل دراسته في مدينتي تطوان ومليلة بالنظام التعليمي الإسباني وبعدها واصل هذا الشاب تعلميه الشرعي في جامعة القرويين.

       عمل بعد ذلك في صحيفة "تيليغراما ديل ريف" وهو الإسم القديم للصحيفة الإسبانية المحلية في مدينة مليلة " إل تيليغراما" وهو اسمها الحالي, كما عمل مترجما للعسكر الإسبان, ثم عمل قاضيا لمليلة ثم كبيرا لقضاة مليلة وهو في بداية الثلاثينات من عمره.

       كان والد الخطابي مجاهدا ضد الاحتلال الإسباني حتى توفي سنة 1920 م مسموما, ليستلم الخطابي القيادة ويبدأ جهاده ضد الإسبان, كانت هجماته ومباغتتاه عجيبة لمن يقرأ فيها, مشابهة إلى حد كبير للقائد العظيم  عمر المختار, كانت معركة أنوال إحدى أشهر المعارك التي خاضها ضد الإسبان (أو كما تسمى في التاريخ الإسباني اليوم ب" كارثة أنوال") لأنها إحدى أكبر هزائم الإسبان في التاريخ, عندما استدرجهم إلى هذه المدينة وسحقهم بجيش صغير مقابل جيش إسباني كبير بعدته وعتاده.

       يحق للريفيين الفخر بهذه المعركة التي جرت في مدينة أنوال صيف عام 1921م والتي انتصر فيها الريفيون انتصار عظيما, وبالرغم من استشهاد ما يقارب الألف ريفي, كانت حصيلة القتلى الإسبان طبقا لما يعترفون به قد تجاوز أربعة عشر ألف عسكري, وأكثر من ألف أسير.

       بعد هذه المعركة أسس الخطابي جمهورية الريف, واتخذ من مدينة أجدير عاصمة لها, وكان الخطابي رئيسا لها ورئيس لمجلس الوزراء, وقام الخطابي بتأسيس جيش منظم لهذه الدولة الحديثة ووضع الدستور وأنشأ البرلمان, وبدأ بتحريك الوفود الرسمية لطلب الاعتراف بهذه الدولة, إلى أن اتحدت إسبانيا وفرنسا لإسقاط هذه الدولة وتم استخدام الأسلحة الكيمائية في هذه الحرب, لتسقط جمهورية الريف, وينفى الخطابي إلى جزيرة سريّة.

       بعد ذلك قررت فرنسا إعادته إلى فرنسا, فقدم عن طريق سفينة بحرية رست في ميناء بور سعيد, وما إن رست في ميناءها حتى طلب الخطابي اللجوء السياسي في مصر التي عاش فيها وتصاحب فيها مع حسن البنا إلى أن مات سنة 1963م.  

       هي قصة رجل ريفي مسلم, سياسي وعالم دين, قاضي وصحافي, مترجم وقائد عسكري, جهلنا هذه الشخصية, فمن يقرأ سيرته سيرى سيرة عظيمة لشخصية يحبها الريفيون ويحترمها ويقدرها الإسبان اليوم. لكن هل كان لهذه الشخصية علاقة بسقوط الملكية الإسبانية بشكل غير مباشر ونفي الملك ألفونسوالثالث عشر!!!.






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق