السبت، 9 نوفمبر 2013

ملخص فتوحات المغرب

بعد دخول جيش المسلمين لمصر في السنة الحادية والعشرين من الهجرة انكسر الحاجز الذي يفصل دولة الإسلام عن بلاد المغرب والأندلس وأفريقية، وبعد مصر فتح المسلمون برقة فطرابلس لتتوالى بعدها المدن التي فتحت على يد المسلمين وتتسع رقعة البلاد في عهد عثمان رضي الله عنه، حيث تولى عبد الله بن أبي السرح ولاية مصر لعمرو بن العاص على مصر، والذي كانت أعظم انجازاته هي معركة ذات الصواري. وبعد مقتل عثمان رضي الله عنه دبت خلافات بين المسلمين أدت إلى توقف هذه الفتوحات، حتى استقر حال المسلمين وتوحدت كلمتهم في عهد معاوية ليبدأ عهد جديد من الاستقرار ومواصلة الفتوحات.

تولى معاوية بن خديج ولاية مصر في عهد معاوية وكانت تحته قيادات فذة أمثال عبد الله بن الزبير وعقبة بن نافع الذين كانا يقودان المعارك، حتى عين عقبة بن نافع واليا لأفريقية حيث قام بإكمال الفتوحات حتى وصل إلى المغرب الأقصى، وأنشأ مدينة القيروان لتكون عاصمة للمغرب. ثم عين بعد معاوية بن خديج على مصر وأفريقية مسلمة بن خويلد الأنصاري والذي جمع له معاوية بن أبي سفيان ولاية مصر والمغرب، حيث قام مسلمة بعزل عقبة بن نافع وتولية أبا المهاجر الأنصاري واليا على أفريقية خلفا لعقبة.

وبعد وفاة معاوية بن أبي سفيان ولي أمر المسلمين يزيد بن معاوية الذي أعاد عقبة إلى ولاية أفريقية. وما إن عاد حتى واصل فتوحاته إلى أقصى المغرب حتى وصل إلى ساحل المحيط فدخل بفرسه إلى الماء حتى بلغ نحره ثم قال "اللهم إني أشهدك أن لا مجاز، ولو وجدت مجازا لجزت".

لكن عقبة أخطأ بعدم تحصين ظهره، فكان يفتح البلدان بسرعة دون توطيد الإسلام والحكم فيها، وهذا ما جعل البربر ينتقضون عليه بقيادة كسيلة بن لمزم حيث توجه بالبربر وقاتل عقبة بن نافع في معركة بينهما سنة 62هـ أدت إلى مقتل عقبة وقادة جيشه. ثم زحف كسيلة إلى القيروان فاستولى عليها ما جعل حاكم القيروان زهير بن قيس البلوي يرتد بقواته إلى برقة. ثم توالت الخلافات مرة أخرى في بلاد المسلمين في المشرق حتى عهد عبد الملك بن مروان الذي ولّى زهير بن قيس على أفريقية وأمده بجيش كبير ليستعيد القيروان سنة 69هـ ليقتتل مع جيش كسيلة وفيها انتصر زهير ومن معه وقتل كسيلة وقادة جيشه وتوغّل غربا.

انتهز الروم توغّل المسلمين غربا فقدموا بجيش عظيم عن طريق أسطول بحري من صقلية فنزلو في قرطاجنّة وزحفوا  إلى برقة، مما جعل زهير يعود بمن معه للدفاع عن برقة فاقتتل مع الروم قتالا عظيما، هزم فيه جيش المسلمون وقتل زهير وقادة جيشه، وبهذا ذهبت المغرب من أيدي المسلمين.

لكن الخلافات التي كانت بين عبد الله بن الزبير و عبد الملك بن مروان أدت إلى ضعف الجبهة الغربية للمسلمين، حتى استقرت الدولة بين ابن مروان الذي عين حسان بن النعمان الغساني ووجهه بجيش عظيم حتى وصل إلى قرطاجنّة التي لم تكن قد وقعت بيد المسلمين بعد، حيث كانت عظيمة التحصين وكانت عاصمة الرومان في أفريقية،  وذلك لأنها على الواجهة البحرية وكذلك قربها من صقلية التي كانت تمدها بالإمدادات، لكن الغساني حاصرها بشدة واستطاع دخولها ثم جاءت إمدادات من الإمبراطور بأسطول بحري من صقلية وبجيش قدم إليها من ملك القوط في الأندلس الذي بدأ يقلق من قرب المسلمين من أراضيه لكنه سارعهم وبدأ هو بقتالهم، لكن لم يفد هذا كله إذ انتصر المسلمون وهزموا الروم والقوط هزيمة قوية ثم استمر حسان بجيشه غربا فأخضع المغرب كله وأعاده لسيطرة المسلمين حيث قضى على القوات الرومانية المنتشرة هناك بالإضافة إلى انتصاره على قوات البربر، وبعد هذه الانتصارات العظيمة استقرت برقة من الشرق وحتى المحيط غربا في أيدي المسلمين.

بدأ حسان بتنظيم الأمور العسكرية والمالية والاجتماعية في بلاد المغرب رغم الثورات التي قامت خلال ولايته وكانت أقواها من الكاهنة في جبل أوراس، لكن المسلمون استطاعوا الانتصار عليها وتم لهم حكم المغرب.  وفي عام 86هـ توفي عبد الملك بن مروان ليخلفه ابنه الوليد الذي عين على مصر أخيه عبد الله بن عبدالملك بعد وفاة والي مصر عبد العزيز بن مروان بن الحكم. . وفي عام 89هـ عين موسى بن نصير اللخمي واليا على المغرب خلفا لحسان الغساني الذي تم عزله.

ما إن تولى موسى بن نصير الحكم حتى بدأت الثورات البربرية مرة أخرى، وكان هذا حال البربر آنذاك إذ يتحينون الفرص للثورة مع أي تغيير يطرأ، لكن هذا الأمر لم يثني موسى عن توطيد الإسلام في المغرب فقضى على الفتن وإخضاع البلاد التي ثارت، فوجدوا منة شدة وحزما لم يعهدوه وهو الذي استفاد من تجارب من سبقه. فخضعت له قبائل هوارة وصنهاجة وزناته وكتاة وغيرها من القبائل البربرية الكبيرة. حتى وصل موسى بن نصير إلى طنجة ولم يكن المسلمون قد فتحوها من قبل فافتتحها وولّى عليها قائدا عظيما وهو مولاه طارق بن زياد.

اهتم موسى بن نصير بنشر الإسلام في المغرب واستمال شيوخ القبائل ووجهائها، وكسب ولاء البربر، وجعلهم في جيشه فأحبوه لما رأوا فيه من عدل ومساواة حتى أصبح البربر هم جيش موسى بن نصير وبدأ البربر بالانضمام لجيش موسى وأقبلوا باعتناق الإسلام، إلى أن أصبحت بلاد المغرب كمثيلاتها من بلاد المسلمين بلاد خير وأمن وسكينة واستقرار في عهد ولاية موسى بن نصير.


ولم يكتف موسى بن نصير بهذا فحسب بل قام بإنشاء أسطول بحري عظيم لحماية الثغور الإسلامية البحرية وابتنى دارا لصناعة السفن في قرطاجنّة. وبدأ موسى بن نصير بغزو البحر إذا بدأ بجزر البليار الواقعة في البحر المتوسط حينما أرسل ابنه عبد الله بن موسى لفتحها، ففتحها وكانت تتبع لملك القوط في إسبانيا، لكنه لم يكن فتحا مستقرا. ثم أرسل حملات أخرى إلى صقلية وسردانية. وبهذا استطاع موسى بن نصير أن يجعل سيطرة المسلمين على شمال أفريقية كاملة في البر والبحر، عدا مدينة سبتة التي تقع في الشمال الأفريقي لكنها تتبع لملك القوط في إسبانيا التي لم يستطع المسلمون فتحها لشدة تحصينها ومنعتها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق