الجمعة، 8 نوفمبر 2013

رومانثي ابن عمّار
"العربي الذي يملكني,  بشكل كبير يحبني"




خلال الفترة الأخيرة للحكم الإسلامي في الأندلس أو كما يسميها الإسبان- حروب الاسترداد- وهي الفترة التي بدأت فيها مدن المسلمين تتساقط وخلال فترة النزاع الإسلامي النصراني, بدأ فن من فنون الشعر واسمه شعر الحدود، وهو شعر تاريخي يرصد الأحداث والوقائع التاريخية ويمزجها بالخيال والواقع, أسسه الموريسكيون الذين تحولوا قسرا إلى النصرانية. وقد كانت هذه القصائد" الشعبية" مجهولة المصدر, ولا يعرف من كتبها حتى يومنا هذا. وقد سمّي بشعر الحدود نظرا لأن مصادر هذه القصائد كانت في منطقة الحدود المتنازع عليها في الأندلس بين المسلمين والمسيحيين.

اشتهرت العديد من هذه القصائد -التي لم تعرف أسماء كاتبيها- ولا تزال اليوم معروفة ومشهورة في الأدب الإسباني, والتي كان لها دور كبير في تأسيس الشعر الإسباني, وقد يكون أشهر هذه القصائد هي قصيدة "رومانثي ابن عمّار".

لست هنا بصدد تحليل النص(لأني لست متخصصا في علم الشعر) لكني أردت التطرق إلى جزء مهم من فترة مؤلمة. وكأني أنظر إلى كاتب هذه القصيدة أو غيرها من القصائد، وهو على الحدود في فترة الحروب يفكر مهموما بحال الأندلس وما صارت له بعد أن كانت أندلس موسى بن نصير وطارق بن زياد والداخل والناصر والمنصور ويرى أيضا ما يتعرض له المسلمون من ويلات وتنكيل, وهو لا يفكر في نفسه فحسب بل كان يفكر كذلك في أبناءه أو في الجيل القادم من أبناء الأندلسيين الموريسكيين وكيف سيعيش هذا الجيل.

هذه القصيدة كتبت باللغة الإسبانية بنغم جميل لكاتب مسلم موريسكي من أصل عربي يرجح أن يكون من سكان مدينة غرناطة وهو يخاطب الملك خوان الثاني وهو جد الملكة إيزابيل الكاثوليكية التي سقطت غرناطة على يديها.

ابن عمّار، ابن عمّار, عربيّ من حي العرب
في يوم مولدك,  ظهرت علامات جليّة
بدا البحر هادئا,  وبدا القمر مكتملا
لأنه عربيّ بعلامته وُلد, لا يجب عليه الكذب
هنا أجاب العربيّ,  اسمعوا جيّدا ما أقول:
"لن أقولها لك أيها السيّد,  حتى لو كلفتني حياتي
لأني ابن عربي,  وابن سبيّة نصرانيّة
في طفولتي و شبابي,  قالتها لي أمي:
لا تقل كذبا,  إنها حقارة كبيرة
لذلك قال الملك،  الحق سوف أقول:
إني أشكرك يا ابن عمّار,  على هذه اللطافة
ما هذه القلاع,  يا لها من مرتفعة ومشرقة
إنها قصر الحمراء أيها السيّد, و الأخرى هي المسجد
والأخرى هي مروج,  أرض محروثة بعناية
العربي الذي حرثها،  مائة دوبلاس كانت يوميته
يوم لا يحرثها, كثيرات أخريات يفقدها
الأخرى هي جنة العريف,  مروج ما لها مثيل
والآخر هو أبراج برميخاس,  قلعة قيمتها عالية
هنا تكلم الملك خوان,  هل سمعتم ما قاله جيّدا
"إذا رغبتي يا غرناطة , بك سأتزوج
أقدم لك مهرك و صداقك,  إلى قرطبة و أشبيلية
"إني متزوجة أيها الملك خوان,  متزوجة و لست أرملة
العربي الذي يملكني,  بشكل كبير يحبني

على الرغم من أني لست متخصصا في ترجمة الأشعار, لكني اجتهدت بترجمة هذا الشعر الحدودي الإسباني, وبالتأكيد أن النص يفقد الكثير من جمالياته عند ترجمته للغة أخرى لكن معانيه قائمة ويمكن للقارئ استنتاج الكثير من الاستنباطات من النص, وسأترك للمختصين بتحليل هذا النص الجميل.

يقول الكاتب الكبير و المستشرق الإسباني"خوان بيرنيت" عن هذه القصيدة ((هي من نظم مسلم غرناطي كان على اطلاع جيد على الشعر العربي..ويتقن القشتالية، وقد استلهم من واقعة حصلت عام 1431م/834هـ، عند انتقال الأمير الملكي النصري، ابن الأحمر، إلى صفوف خوان الثاني قبل معركة إيكورويلا بأربعة أيام)).








ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق